أميركا تغزو المنطقة بسكاكين داعش وأخواتها
د.نسيب حطيط
أخرج الأمركيون عام 2011 من العراق وتركوا "خميرة" عسكرية ممثلة بسفارة قوامها عدة آلاف وخبراء عسكريين وشركات نفطية وترنحوا في أفغانستان مع حلفائهم في الناتو مما اضطرهم لإعادة التفاوض مع إيران حول ملفها النووي كمقدمة للحوار على ملفات أخرى قبل وصول "الدب الروسي" إلى المنطقة، مما سيجبر الأميركيين للتنازل عن بعض حصصهم لصالح إيران وروسيا بفضل صمود سوريا ومحور المقاومة الذي منع سقوط الشرق الأوسط بفم التمساح الأميركي وأجبره للتراجع عن تحالفه مع الأخوان المسلمين وإخراجهم من المشهد السياسي لصالح المتطرفين التكفيريين أبناء القاعدة من داعش والنصرة وبقية الأسماء التي تذبح وتغتصب وتدمر.
جربت أميركا عبر الجيش الإسرائيلي إسقاط لبنان عام 2006 ففشلت وانتصرت المقاومة.. جربت أميركا إسقاط المقاومة في غزة بالنار الإسرائيلية وبالترغيب القطري لقيادتها السياسية فانتصرت المقاومة على الإجتياح الإسرائيلي وعلى إنهزامية وتخاذل قيادتها السياسية في قطر... جربت أميركا إسقاط سوريا ففشلت ولا زالت المعركة مستمرة وحشدت لها الإرهابيين من 80 جنسية ترعاهم دول إقليمية وتمدهم إسرائيل بالمعلومات والإمداد والمعالجة لجرحاهم ومع ذلك لم تسقط سوريا.
عادت أميركا لأرشيفها واستعادت تجربتها مع السوفيات في أفغانستان حيث هزمته بواسطة الميليشيات الأفغانية وما عرف بالأفغان العرب أو المارينز التكفيري، فاعتقدت أنها تستطيع إسقاط المنطقة وصناعة الشرق الجديد بواسطة داعش وأخواتها فكانت غزوة الموصل وغزوة الرقة وغيرها ثم حشدت تحالفاً دولياً إستعراضياً لتحجيم داعش وليس لقتلها والقضاء عليها، فالصياد الأميركي لا يتخلى عن كلبه الذي سيجلب له الطرائد في العراق حيث استطاع أن يوهم العراقيين (سنة وشيعة وأكراد وأقليات) أنه المخلص والمنقذ مع أنه هو الذي صنع داعش وأرسلها تماماً كما تفعل قطر وتركيا حيث تخطف المعارضة السورية المسلحة الزوار والجنود الدوليين والعسكريين اللبنانيين والراهبات بضوء قطري وتركي ثم يقوم الثنائي القطري -التركي بالتوسط مع "جماعاته" للإفراج عن المخطوفين والتلذذ بالمناشدات ثم الشكر وحجز مساحة إعلامية كبطل ذو وجه إنساني عله يمحو الوجه الأسود المسلح.
عادت أميركا على أجنحة داعش فأسقطت العراق من جديد بطلعات جوية مدفوعة الثمن من السعودية وتحاصر سوريا من جديد للتدخل فيها من نافذة قتال داعش وملاحقتها بالإلتفاف على القرار الدولي فاستبعدت إيران وروسيا من مكافحة الإرهاب.
أميركا وحلفائها وأخواتها صنعوا داعش.. ثم استخدموها لإسقاط المنطقة والآن يفاوضون عليها دون قطع رأسها ويخداعون الرأي العام فيستولدوا "داعش" بإسم آخر كما فعلوا مع القاعدة حين استبدلوها بداعش والنصرة لنقلهم إلى إيران وروسيا فيما بعد وأخيراً في الصين عبر الأقلية المسلمة ( الأويغور ) بواسطة الأداة التركية التي تشكل الطابور الخامس في العالم الإسلامي.
أميركا تعود للمنطقة على حساب دول الخليج وتقاتل بجيوش غيرها من العرب والمسلمين في حرب حددت وقتها الأدنى 3 – 5 سنوات ويمكن أن تطول عشر سنوات أخرى تضاف إليها الأربع سنوات الماضية، إنها حرب المائة عام التي بشر بها هنري كيسنجر وإذا ما احتسبت منذ إشتعال الحرب العراقية -الإيرانية عام 1979 فتكون المدة الباقية من حروبنا المذهبية والطائفية حوالي الستين عاماً .. ولذا فإن الأفعى الأميركية المسماة الحركات الجهادية التكفيرية ستبدل جلدها وأسمائها وتتنقل في جغرافيا العالم الإسلامي من ماليزيا وأندونيسيا إلى الهند وباكستان وأفغانستان إلى الشرق الأوسط في حرب مماثلة للحروب الدينية في أوروبا والتي استمرت أكثر من مائتي عام (ثلاثين عاماً بين الكاثوليك والبروتستانت بين العامين 1618 و 1648) في المانيا التي خسرت نصف سكانها تقريباً وحوالي الأربعين عاماً في فرنسا (1562-1598) وكانت شديدة الوحشية عبر عمليات القتل والحرق والتهجير حتى داخل القرية الواحدة وتناقص عدد سكان تشيكيا حوالي الثلث مما أدى إلى تناقص أعداد الرجال ووفرة النساء مما دفع بالأمراء والكنيسة إلى الدعوة لتعدد الزوجات.
سكاكين داعش وأخواتها تذبح المقاومين للمشروع الأميركي وتتغطي آيات القرأن بدماء الأبرياء وتطعن الإسلام ولا تطعن العدو.
مسؤوليتنا جميعاً التصدي للغزو الأميركي المقنع برايات داعش والنصرة وأخواتها ،فإن لم يهزمنا الأميركي والإسرائيلي بالغزو المباشر ...فلن يهزمنا عبر التكفيريين ولا بد من مقاومة فكرية وإعلامية متلازمة مع المقاومة الميدانية فالخطر كبير ولا نجاة لأحد من سكاكين أميركا الداعشية !